السلطانة هيام : اللسان بلا عظم … لكن يكسر العظام

أرشيف الجروح والتعافي من قصة “السلطانة هيام”
هل خطر ببالكِ يوماً أن كلمة واحدة … ممكن تهز ثقتك بنفسك وتفتح لكِ ملفات قديمة كنتِ تظنينها مغلقة للأبد؟
هذا بالضبط ما حدث مع مريام أوزرلي، أو السلطانة هيام، نجمة مسلسل “حريم السلطان”، والتي حكت قصتها لأنس بوخش
#ABtalks with Meryem Uzerli | Chapter 225 | مريم أوزرلي
في واحدة من أكثر المقابلات صدقاً وجرأة.
عيد الحب.
عشاء رومانسي.
ثلاثة فتيات جميلات يمرون من جانب الطاولة…
حبيبها يبتسم ويلتفت إليها ويقول:
“شوفي شلون حلوات وبيرفكت… أتمنى تهتمين بنفسكِ أكثر وتصيرين مثلهم!”
وهنا… الدنيا وقفت للحظة. كلمة واحدة. جرح واحد.
لكن هل انتهى الموضوع هنا؟
أبداً.
مريام لم تتوقف عند الإحساس بالانكسار. ظلت الكلمة تلاحقها سنوات، تراجع نفسها، تحلل ذاتها، تلوم نفسها… “يمكن أنا فيني شيء غلط؟ ليش هو ما فكر أن المشكلة مو فيني، يمكن هو اللي عنده خلل في نظرته؟”
أنتِ الآن تقرئين القصة وتفكرين: “هاي القصة قصتي وقصة كل بنت عاشت كلمة مؤلمة وحفرتها في ذاكرتها…”
صدقيني، دماغكِ مو بس يخزن الكلمة، هو يحولها إلى مختبر طوارئ!
من كلمة جارحة إلى مختبر الدماغ
البروفسورة وعالمة النفس Lisa Feldman Barrett، تقول إن دماغكِ ما يفرق بين تهديد حقيقي (أسد يركض وراكِ) أو تهديد رمزي (كلمة جارحة من شخص قريب). الدماغ يضغط على زر الطوارئ: كورتيزول يرتفع، جسدكِ كله يتنبه، أرشيف الجروح القديمة يُفتح أوتوماتيكياً.
تتذكرين تعليقات من طفولتكِ، مواقف محرجة، وصدمات لم يُسمح لكِ التعبير عنها يوماً.
وممكن الطرف الآخر، حتى ما يحس بعمق اللي صار. يشوفكِ “مبالغة”، وأنتِ أصلاً تواجهين ماضي كامل لحالكِ.
الجميل… أو الصعب… أن حتى الطرف الآخر عنده أرشيف جروح يواجهه هو أيضاً.
صراع أرشيفات… صدام جروح… وانفجار في لحظة عابرة.
نصائح الكتب الوردية؟ ليست الحل
كل كتب الـ Self-Help راح تقول لكِ:
“حبي نفسكِ”
“ثقي بنفسكِ”
“رددي كلام إيجابي”
بس الحقيقة أعمق من هذا.
مريام بكل شفافية قالتها لأنس:
“الشعور بالرضا الحقيقي ما يجي من برا ولا من وصفة سحرية. أحياناً يحتاج سنين من المواجهة والبحث عن أصل الألم.”
الجروح النفسية مو عيب. مو عار.
هي قصص تنتظر أن تُفكك ثم تُحكى.
إعادة برمجة الدماغ (Neuroplasticity) تبدأ بالاعتراف
الدماغ، حسب العلم، ممكن يعيد برمجة نفسه طول العمر.
لكن البداية تكون بأن تعترفي أن عندكِ أرشيف جروح… وأن الآخرين أيضاً عندهم أرشيفاتهم.
وقت نفهم هاي الحقيقة، يخف اللوم على نفسنا وعلى الآخرين.
تتبدل جملة: “أنا ضعيفة” أو “هو قاسي”
وتصير:
“جروحي + جروحه = صدام أرشيفات”
نحتاج تواصل، نحتاج نعرف نقاطنا الحساسة ونحترمها.
مريام وضّحت أن المجتمع أيضاً يضغط علينا بمعايير جمال مستحيلة.
الكل يقارن، الكل يعلّق، والكل يتجاهل الأرواح الهشة وراء الصور.
المعجزة الصغيرة: مشاركة القصة
اللقاء مع أنس كان كأنه جلسة علاج سردي، مريام أعادت رواية وجعها. شاركت القصة بدلاً من كتمانها.
هذا أول خطوات الشفاء…
لأن كل ما حكينا عن أرشيفنا، زدنا مساحة التعاطف في قلوبنا وقلوب الآخرين.
وأخيراً…
الشفاء يبدأ لما نواجه أرشيفنا، ونعترف أننا أكبر من جروحنا القديمة.
كل واحدة فينا تستحق أن تعيش بقوة ونعومة، بعيداً عن مقاييس الآخرين وكلماتهم المسمومة.
أعيدي قراءة أرشيفكِ… وامنحي نفسكِ صلاحية أن تصنعي قصة أجمل، من الآن.