٤ دروس من سورة يوسف تغنيك عن كل مدربي الطاقة!

قصة سيدنا يوسف عليه السلام ليست مجرد حكاية قرآنية، بل مدرسة حقيقية تُعلمنا التعامل مع مشاعرنا، وتحفّزنا على إعادة النظر في كل ما نمر به من صعاب؟

هذه القصة تكشف عن أعماق النفس البشرية، وتُجيب عن أسئلة لطالما أرّقتنا: لماذا نحاول ونجتهد ولكن لا نصل؟ لماذا تأتي العقبات لتقف أمامنا في منتصف الطريق؟ ولماذا، بالرغم من كل جهودنا، نتعرض أحيانًا لمآسٍ تفوق قدرتنا على التحمل؟

قصة يوسف عليه السام ليست حكاية عن الماضي فقط، بل هي خارطة طريق لكل من يريد فهم حياته، التعامل مع تحدياتها، وإعادة التوازن إلى نفسه.

التعلق.. متى يصبح حبكِ قيدًا؟

إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ۖ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” (يوسف: 8)

الحب شعور فطري، لكن التعلق المفرط قد يتحول إلى نقمة. والد سيدنا يوسف، النبي يعقوب، كان يحب ابنه حبًا عظيمًا، لكنه تجاوز الحد الطبيعي، مما أثار الغيرة والحسد في نفوس إخوته. هذا التعلق المفرط دفعهم إلى اتخاذ قرار مأساوي، ألقى بيوسف في ظلمات البئر.

ما الدرس هنا؟
الحب الزائد عن الحد يتحول إلى قيد، والتعلق بشيء أو شخص يجعل فقدانه أقرب إلى الحدوث. نحن كبشر مبرمجون لنحب، لكن الله خلقنا متوازنين. كلما بالغتِ في التعلق، تفقدين ذلك التوازن، وتبدأين بخلق مشاعر سلبية من خوف أو حزن.

الحزن والخوف: المشاعر التي تدمر طاقتنا

“قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ” (يوسف: 13)

“وأخاف أن يأكله الذئب” قالها النبي يعقوب، معبرًا عن خوفه وقلقه. في هذا المشهد نجد وصفًا دقيقًا لكيف يمكن للمشاعر السلبية أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها. الحزن والخوف هما أدنى درجات المشاعر الإنسانية وفقًا لنظرية “مقياس وعي الإنسان” لديفيد هاوكينز، وهما السبب الرئيسي لجذب الأحداث السلبية إلى حياتنا.

العلم يؤكد أن الترددات المنخفضة لهذه المشاعر تؤثر على طاقتنا وتجعلنا أكثر عرضة للمآسي. ببساطة، عندما نخاف أو نحزن، فإننا نبث ترددات تتناغم مع الأحداث السلبية، ما يجعلنا أكثر عرضة لتجربة هذه المشاعر في واقعنا.

سؤال لك : هل الخوف والحزن حتميان؟ وهل يمكننا تحرير أنفسنا من هذه الدوامة؟

تحرير المشاعر المكبوتة: هل يمكن للكتابة أن تكون علاجًا؟

“قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (يوسف: 86)

أجل، يمكن للكتابة أن تكون علاجًا! دعيني أقدّم لك تقنية “الكتابة التفريغية” التي تُعتبر واحدة من أكثر الطرق فعالية للتعامل مع المشاعر السلبية. نحن نعيش في مجتمعات تعلمنا قمع مشاعرنا، لكن ما لا نعرفه هو أن هذه المشاعر المكبوتة تظل مختزنة في أجسادنا، وتظهر لاحقًا على هيئة أمراض أو اضطرابات.

كيف تعمل هذه التقنية؟

  1. اجلسي في مكان هادئ، وابدئي بكتابة كل ما يراودك من مشاعر وأفكار، دون أي تصفية.
  2. ركزي على مشاعرك: أين تشعرين بها؟ في قلبك؟ معدتك؟ حلقك؟
  3. بعد تحديد موضعها في جسدك، اسمحي لنفسك أن تشعري بها بالكامل، ثم تخيليها تتلاشى تدريجيًا.

هذه التقنية ليست مجرد نصيحة نظرية؛ بل هي وسيلة مثبتة علميًا ونفسيًا لتحرير الطاقة المكبوتة في الجسد، مما يساعدك على استعادة توازنك العاطفي والجسدي.

سؤال لك : هل هذه التقنية وحدها كافية؟ وهل يمكننا أن نمضي أبعد في تحرير أنفسنا؟

قوة التسبيح والتأمل: الوصفة الإلهية للشفاء

“إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” (يوسف: 90)

التسبيح ليس فقط عبادة بل علاج نفسي وروحي. في سورة يوسف، عندما قال النبي يعقوب: “فصبر جميل”، كان يصف حالة من التسليم الكامل لله، دون أي مشاعر سلبية تثقله. التسبيح يُعيد برمجة عقولنا ويغير تردداتنا، مما يجعلنا أكثر انسجامًا مع الأحداث الإيجابية.

جربي هذا التمرين البسيط:

  • خصصي 5 دقائق يوميًا، وابدئي بقول: “سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر”.
  • أثناء التسبيح، تخيلي كل مشاعرك السلبية كأنها سحابة تتلاشى مع كل نفس تأخذينه.

التسبيح يعيد توصيلك بالمصدر الأساسي للطاقة الإيجابية، ويمنحك سلامًا داخليًا لا يمكن أن يمنحه أي شيء آخر.

سؤال لك : هل يمكن لهذا السلام أن يدوم؟ وكيف نحافظ عليه في مواجهة تحديات الحياة اليومية؟

النهاية.. أم البداية؟

تختم قصة يوسف بلقاء سعيد يجمعه بأهله، لكنه ليس فقط لقاءً عاطفيًا. هذا اللقاء يحمل رسالة واضحة: الألم ليس نهاية الطريق، بل هو بداية جديدة. كل اختبار في حياتكِ، مهما كان قاسيًا، يحمل في طياته درسًا ينتظرك لتتعلميه.

الحياة ليست خطًا مستقيمًا، بل هي سلسلة من المنعطفات. كل منعطف يحمل فرصة للنمو، وكل مأساة تخبئ وراءها نعمة.

خلاصة الرحلة: ٤ دروس لا غنى عنها

  1. الحب بتوازن:
    أحبّي بعمق لكن دون تعلق مفرط. التعلق هو بوابتكِ للمعاناة.
  2. التعامل مع المشاعر السلبية:
    بدلًا من قمع حزنكِ وخوفكِ، واجهيهما بوعي وأدوات مثل الكتابة التفريغية.
  3. الصبر والتسليم:
    الصبر الجميل ليس انتظارًا سلبيًا، بل حالة من الإيمان بأن الخير قادم.
  4. العلاج الروحي:
    اجعلي التسبيح جزءًا من يومكِ، فهو ليس فقط عبادة، بل أداة للشفاء والسلام الداخلي.

الخاتمة: دروس يوسف في حياتكِ

تذكري دائمًا، ايتها الملكة، أن سيدنا يوسف خرج من البئر ليصبح عزيز مصر، وأن سيدنا يعقوب استعاد بصره ورفع الابتلاء درجته بين الانبياء رغم كل ما مر به من حزن. كل ألم تعيشينه اليوم هو مجرد تمهيد لأجمل أيامكِ غدًا.

الحياة ليست عادلة دائمًا، لكنها مليئة بالحكمة. مهمتكِ هي أن تبحثي عن هذه الحكمة، تتعلمي منها، وتستمتعي برحلتكِ، لأنكِ تستحقين ذلك وأكثر. 💫

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

Please consider supporting us by disabling your ad blocker!