من فم ياسر الحزيمي لقلبك : كيف تكونين ذكية عاطفيًا؟

انتبهي، لأن هذا السلاح هو ما تحتاجينه.
تخيلي نفسكِ في موقف صعب: زميلة عمل تناقشكِ بأسلوب جارح، أو شريك حياة غارق في عالمه الخاص، أو حتى أطفال يحتاجون اهتمامك بينما رأسكِ يفيض بالتفكير. في لحظة، مشاعركِ تنفجر: غضب، إحباط، وربما دموع خفية. هنا، يأتي مفهوم “الذكاء العاطفي” لينقذكِ. هذا السلاح الخفي الذي لا يُعلّمونه في المدارس، لكنه مفتاح النجاح في الحياة.
ما هو الذكاء العاطفي؟
الذكاء العاطفي، باختصار، هو قدرتكِ على فهم مشاعركِ وإدارتها، ثم فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها بذكاء.
نعم، الذكاء العاطفي ليس فقط لمن يعملون في الدبلوماسية أو العلاقات العامة، بل هو مهارة تحتاجها كل امرأة في بيتها، عملها، وحتى مع نفسها.
العناصر الأساسية للذكاء العاطفي:
- الوعي الذاتي: فهمكِ الكامل لما تشعرين به في أي لحظة.
- إدارة المشاعر: التحكم في عواطفكِ بطريقة تفيدكِ ولا تؤذيكِ.
- التعاطف: الشعور بمشاعر الآخرين وكأنها مشاعركِ.
- إدارة العلاقات: التواصل بفعالية وبناء علاقات قوية وصحية.
لماذا نحتاج الذكاء العاطفي؟
لأننا ببساطة نعيش في عالم مليء بالتحديات والمشاحنات. بدون ذكاء عاطفي، كل أزمة صغيرة تتحول إلى دراما كبيرة. مثلًا:
- في العمل، ربما تواجهين انتقادات غير مبررة. بدون ذكاء عاطفي، قد تردين بعصبية، لكن بإدارته ستتعاملين برقي وتحولين النقد إلى فرصة.
- في المنزل، قد تجدين نفسكِ تحت ضغط أطفالكِ وشريككِ. الذكاء العاطفي يتيح لكِ فهم احتياجاتهم بدون الشعور بالاستنزاف.
كما يقول دانييل جولمان، مؤلف كتاب “الذكاء العاطفي”: “النجاح في الحياة لا يعتمد فقط على معدل الذكاء (IQ)، بل على معدل الذكاء العاطفي (EQ).”
علامات الذكاء العاطفي العالي: هل تمتلكينها؟
- قدرتكِ على تسمية مشاعركِ: كثير من الناس يشعرون بالإحباط أو الغضب دون أن يعرفوا السبب. إذا كنتِ قادرة على قول: “أنا أشعر بالغيرة، لكنني سأعمل على تحسين نفسي”، فهذا ذكاء عاطفي.
- التعاطف مع الآخرين: عندما تسمعين قصة صديقتكِ الحزينة وتشعرين بألمها كأنه ألمكِ، هذا دليل على قوة تعاطفكِ (انتبهي ان تنجرفي!).
- التعامل الحكيم مع الخلافات: بدلًا من الصراخ أو الانسحاب، تتحدثين بهدوء وتحولين المشكلة إلى حوار بنّاء.
كيف تصبحين ذكية عاطفيًا؟
1. ابدئي بالوعي الذاتي
الوعي الذاتي هو الأساس. اسألي نفسكِ:
- “ماذا أشعر الآن؟” هل هو غضب، إحباط، أم خوف؟
- “لماذا أشعر بهذا؟” هل هو بسبب موقف معين أم تراكم مشاعر سابقة؟
مثلًا، إذا شعرتِ بالغيرة من زميلة حصلت على ترقية، لا تخجلي من هذا الشعور. اعترفي به واسألي: “كيف يمكنني تحسين وضعي لأصل إلى مكان أفضل؟”
2. تعلمي إدارة مشاعركِ
- التنفس العميق: عندما تشعرين بالغضب، خذي نفسًا عميقًا لتهدئة أعصابكِ.
- التأجيل: إذا شعرتِ أنكِ على وشك الرد بعصبية، امنحي نفسكِ لحظة قبل الرد. كما يقولون: “العقل البارد يحل المشكلات.”
3. طوري قدرتكِ على التعاطف
- استمعي للآخرين بدون مقاطعة. كما يقول ديل كارنيجي في كتابه الشهير “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس”: “الاستماع هو سر العلاقات الجيدة.”
- حاولي أن تضعي نفسكِ مكان الشخص الآخر لتفهمي وجهة نظره.
أمثلة من الحياة اليومية: الذكاء العاطفي في المواقف الصعبة
1. موقف في العمل
رئيسكِ ينتقدكِ أمام زملائكِ بطريقة جارحة. ما العمل؟
- بدون ذكاء عاطفي: تشعرين بالإهانة وتردين بعصبية، مما يزيد التوتر.
- مع الذكاء العاطفي: تأخذين نفسًا عميقًا، وتقولين بهدوء: “شكراً لملاحظاتك. سأعمل على تحسين هذا الجانب.”
2. موقف في المنزل
طفلكِ يكسر شيئًا ثمينًا، وزوجكِ يوبخكِ لأنكِ “لم تنتبهي.” كيف تتصرفين؟
- بدون ذكاء عاطفي: تصرخين على الطفل أو تدخلين في جدال مع زوجكِ.
- مع الذكاء العاطفي: تهدئين الموقف بالقول: “خطأ وارد. سنحرص على توضيح أهمية الحذر لطفلنا.”
كيف يمكن للذكاء العاطفي تحسين علاقاتكِ؟
1. فهم احتياجات شريككِ
كثيرًا ما يحدث خلاف بين الأزواج بسبب سوء الفهم. الذكاء العاطفي يساعدكِ على:
- فهم لغة الحب التي يفضلها شريككِ.
- التعاطف مع ضغوطه بدلًا من لومه.
2. بناء علاقات قوية مع أطفالكِ
الأطفال يحتاجون أمًا تفهم مشاعرهم وتديرها بحكمة. مثلًا، إذا كان طفلكِ غاضبًا، لا تقولي له: “لماذا أنت غاضب؟” بل اسأليه: “ما الذي يزعجك؟ وكيف يمكنني مساعدتك؟”
أخطاء تضعف ذكاءكِ العاطفي (تجنبيها!)
- كبت المشاعر: التصرف وكأنكِ بخير بينما أنتِ تغلين من الداخل.
- التركيز على النقد بدل الحلول: التذمر من المشكلة بدلًا من البحث عن حل.
- عدم الاستماع للآخرين: التفكير في ردكِ بينما يتحدث الآخر.
الذكاء العاطفي مهارة وليست موهبة
الذكاء العاطفي ليس شيئًا تولدين به فقط، بل مهارة يمكنكِ تعلمها وتطويرها. كل ما تحتاجينه هو الوعي، الممارسة، والإصرار على تحسين نفسكِ. تخيلي كيف ستصبح حياتكِ أسهل، وأكثر سعادة، وأكثر نجاحًا عندما تتمكنين من إدارة مشاعركِ وفهم مشاعر الآخرين.
لذا، ابدأي من اليوم. اسألي نفسكِ: “كيف أشعر الآن؟ وكيف يمكنني أن أكون أفضل؟”