معالجك النفسي رجل؟ … فكري مرتين!

تبحثين عن حلّ أم عن أحد يزيد الطين بلة؟

إذا كنتِ تبحثين عن معالج نفسي يفهمكِ بعمق، دعينا نبدأ بنقطة مهمة: ليست كل الخيارات متساوية. المعالج الرجل ليس دائمًا الخيار الأمثل. الأمر ليس هجومًا، لكل قاعدة شواذ. لكن نناقش هنا حقيقة قائمة على اختلاف التجارب والعواطف بين الجنسين. الفرق بين مشاعر النساء وتحليل الرجال أوسع مما نتخيل، وقد يؤثر بشكل كبير على جودة العلاج النفسي.

ربما تتساءلين: لماذا لا يكون المعالج الرجل خيارًا فعّالًا؟ الإجابة ليست بسيطة، ولكنها تتطلب فهمًا عميقًا للفجوة العاطفية التي تنشأ عند محاولة الرجال تحليل المشاعر النسائية من منظور مختلف تمامًا. بعد قراءة هذا المقال، ستتضح لكِ هذه الفجوة، وستُغيرين نظرتكِ للعلاج النفسي تمامًا.

*المقال قد يخدم المعالجين الرجال لتحقيق تعاطف أكبر وليتفادوا هذا الفارق الذي نتحدث عنه*

ما دخل الرجال في أوجاع النساء؟

تخيّلي هذا الموقف: أنتِ تشعرين بضغط نفسي كبير وتحتاجين إلى شخص يسمعكِ بصدق ويحتويكِ دون أن يحكم عليكِ أو يُقلل من مشاعرك. تفضفضين لصديقتك عن مشكلة عاطفية معقدة سببت لكِ الأرق. صديقتك تفهمكِ تمامًا، تتعاطف معكِ، وقد تبكي معكِ إن لزم الأمر.

الآن تخيّلي نفس الموقف مع رجل، حتى لو كان معالجًا نفسيًا محترفًا. غالبًا ستجدينه جالسًا أمامك بملامح جامدة، يمسك بدفتر الملاحظات، ويقدّم لك نصائح “منطقية” من قلب المقرر الاكاديمي مثل: “حاولي الحديث معه” أو “ابحثي عن سبب المشكلة”. المشكلة ليست في النصيحة بحد ذاتها، فهي علمية من مختص قضى عشرات السنين في التخصص لكن مأخذنا في افتقادها لروح التعاطف مع مشاعرك التي تُعتبر جوهر العلاج النفسي.

الأبحاث تدعم هذا التفاوت. النساء يشعرن براحة أكبر عند الحديث مع معالجات نساء. السبب؟ النساء يفهمن الضغوط المجتمعية والتحديات العاطفية التي تواجه النساء بشكل أعمق.


العواطف والعمق النفسي: لماذا النساء أكثر تفهّمًا؟

العواطف ليست مجرد كلمات تُقال أو مشاعر تُحلل. إنها تجربة عميقة تحمل في طياتها ضغوطًا اجتماعية، وتوقعات ثقافية، وأحيانًا قيودًا دينية. النساء، بفضل تجربتهن الشخصية، يفهمن هذه الأبعاد بشكل فطري. بينما الرجال، مهما بلغوا من الكفاءة، قد يفتقدون هذا الفهم العميق بسبب اختلاف تجاربهم الحياتية.

لنأخذ مثالًا عمليًا: امرأة تعاني من ضغط نفسي بسبب عدم تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية. معالج رجل قد يُقدّم نصائح عامة مثل: “حاولي تقسيم وقتك بشكل أفضل”. بينما معالِجة امرأة قد تُركّز على جذور المشكلة، مثل شعور المرأة بالذنب أو القلق من التوقعات المجتمعية. الفرق هنا ليس فقط في النصيحة، بل في التعاطف الذي يُصاحبها.


خرافة الحيادية لدى المعالجين الرجال

“لكن الرجال أكثر منطقية وحيادية!” هذه الجملة تبدو منطقية ظاهريًا، لكنها تخفي حقيقة مختلفة. عندما لا يفهم المعالج الأبعاد العاطفية لمشكلتك، حياديته قد تتحول إلى غياب كامل للفهم.

خذِ هذا السيناريو: امرأة تعاني من ضغوط في زواجها بسبب تقصير شريكها العاطفي.

  • معالج رجل او امرأة قد يقول: “حاولي تحسين التواصل مع زوجك”.
  • معالِج رجل او امرأة قد تقول: “لنبدأ أولًا بفهم احتياجاتكِ النفسية وإعادة شحن طاقتكِ”.

الأولى تفترض أن المشكلة تكمن في التواصل فقط، بينما الثانية تضع احتياجات المرأة في المقدمة. هذه الفجوة ليست صغيرة، بل هي جوهرية في فهم كيفية تقديم الدعم.


المجتمع والدين: هل الحلول تنصفكِ؟

إذا لجأتِ إلى رجل دين أو شخصية مجتمعية طلبًا للنصيحة، غالبًا ستسمعين عبارات مثل: “اصبري”، “ادعي”، أو “حاولي تحسين الموقف”. هذه النصائح، رغم حسن النية، تتجاهل تمامًا الجانب النفسي للمرأة.

قصص كثيرة تُبرز هذه النقطة. على سبيل المثال، امرأة لجأت إلى رجل دين بسبب تعرضها لعنف نفسي. النصيحة التي تلقتها كانت: “استمري بالصلاة والدعاء”. لكن المشكلة لم تكن في قلة الصلاة، بل في عدم إدراك حجم الألم النفسي الذي كانت تعيشه.

الفرق هنا هو أن معالِجة نفسية ستُدرك حجم هذا الألم، وستُركّز على سلامتكِ النفسية قبل أي شيء آخر.


الرجل ونسختكِ المعطوبة

مع المعالج الرجل، قد تجدين نفسكِ في موقف يُشبه محاولة إصلاح جهاز معطل دون قراءة دليل الاستخدام. بدلًا من سؤال: “كيف تشعرين؟” ستجدينه يقفز مباشرة إلى: “جربي فعل كذا لتحسني الموقف”. هذه العقلية الحلولية قد تُشعركِ بأنكِ مشروع إصلاح بدلاً من إنسانة تبحث عن الفهم.

الأخطر من ذلك هو ما يُعرف بـ Gaslighting أو التشكيك بمشاعرك. بعض المعالجين الرجال قد يُقللون من مشاعرك بطريقة غير مباشرة، كأن يقولوا: “ربما المشكلة ليست بهذا السوء”.

الحل؟ معالِجة تعكسكِ أنتِ

الحل هو اختيار معالِجة نفسية تفهمكِ كأنثى. شخص يُدرك أن العواطف ليست مشكلة تحتاج إلى حل سريع، بل تجربة إنسانية تستحق التقدير والاحتواء.

كيف تجدين المعالِجة المثالية؟

  1. البحث عن الخبرة: اسألي عن خبرتها في التعامل مع قضايا النساء.
  2. الاعتماد على التقييمات: اقرأ تقييمات نساء أخريات عن تجربتهن معها.
  3. التأكد من المنهجية: تأكدي من استخدام أسلوب Trauma-Informed Care، الذي يركز على فهم تأثير التجارب السابقة على الحاضر.

نصائح إضافية لتعزيز تجربتكِ النفسية

  • التثقيف الذاتي: لا تنتظري من المعالج أن يكون الحل الوحيد. اقرئي كتبًا ومقالات عن التجارب النفسية للنساء.
  • المجتمع الداعم: انضمي إلى مجموعات نسائية تُشارك فيها قصص وتجارب مشابهة.
  • التواصل المفتوح: كوني صريحة مع معالجتكِ بشأن احتياجاتكِ وتوقعاتكِ.

أخيراً : أنتِ محور القصة

تحسين صحتكِ النفسية لا يعني فقط إصلاح علاقاتكِ مع الآخرين، بل يعني أيضًا بناء علاقة صحية مع نفسكِ. أنتِ تستحقين معالِجة نفسية تُقدّركِ كإنسانة، تفهم مشاعركِ، وتضعكِ دائمًا في مقدمة الأولويات.

لا تنتظري، ابحثي اليوم عن معالِجة نفسية تعكس قيمتكِ الحقيقية وتُدرك أن سلامتك النفسية ليست خيارًا، بل ضرورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

Please consider supporting us by disabling your ad blocker!