جحيم الوعي : البنت الحساسة!

كل كلمة تجرحك؟ تعالي نفهم الحساسية المفرطة …

هل أنتِ حساسة أم العالم قاسي؟

سؤال دايمًا نسمعه: “ليش الحساسات يبالغون بكل شيء؟” والجواب ببساطة إنهم ما يبالغون، هم يعيشون العالم بعمق مختلف. كل كلمة تمر، كل نظرة تُلقى، وكل موقف يحدث يترك أثرًا واضحًا، كبيرًا كان أو صغيرًا. إذا كنتِ حساسة، فأنتِ من النوع اللي يشوف العالم بألوانه الحقيقية – بوضوح وأحيانًا بشكل مؤلم.

لكن لحظة!

هل الحساسية المفرطة نقمة فعلًا؟ أم يمكن تكون نعمة إذا فهمناها واستخدمناها بالشكل الصحيح؟

الحساسة اللي في داخلك: نعمة أم نقمة؟

إذا كنتِ من البنات اللي دايمًا يحسون إنهم “overreacting”، أو يتهمونهم إنهم “دراما كوين”، فأنتِ أكيد مرّ عليكِ مواقف حسيتِ فيها إنك مو مفهومة. أحيانًا، المواقف اللي تمرّ علينا بشكل يومي تتحول عندك لكارثة داخلية: نبرة صوت صديقتك اللي حسيتها “باردة”، زميلتك في العمل اللي تجاهلتك لما دخلتِ المكتب، أو حتى تعليق بسيط من أهلك عن شكلك أو إنجازاتك.

لكن خليني أقول لك سر: حساسيتك مو عيب. بالعكس، هي مؤشر إنك إنسانة واعية ومتصلة بمشاعرك وبمشاعر اللي حولك. وهذا شي نادر في عالم مليان ناس تحاول تخفي حقيقتها.

ليه الحساسات يحسون بعدم التقدير؟

الإنسان الحساس غالبًا يحس إنه غير مقدّر، لأن مشاعره تكبر وتكبر لدرجة يخاف يعبر عنها أحيانًا. إذا حسّيتي إن أحدهم ما قدرك، ردة فعلك الأولى غالبًا تكون إنك تنسحبين أو تبعدين عنهم تمامًا يدخل عندك القائمة السوداء للأبد. ليه؟ لأنك تحسين إنهم ما يحترمون مشاعرك. لكن خليني أسألك سؤال: هل هم فعلًا ما يقدّرونك؟ أم إنهم ما يعرفون كيف يعبرون عن تقديرهم بالشكل اللي يرضيك؟ ركزي …. (اللي يرضيكِ).

الحقيقة المؤلمة أحيانًا إن اللي حولك يمكن يكونون أصلاً ما يعرفون معنى التقدير. مو لأنهم سيئين، بل لأنهم ما تلقوا التقدير في صغرهم من الأصل، وايضاً لم يتعلموا كيف يظهرون حبهم بالطريقة اللي تناسب كل شخص (ذكاء عاطفي!!)، من ضمنهم أنتِ. وهنا يجي دورك كإنسانة حساسة: بدل ما تنسحبين، حاولي تعلّمينهم. مو بالصدام أو الزعل، بل بالتفاهم.

ليست لعبة زعل …إنما استثمار!

شوفي، الحياة أشبه ما تكون بلعبة استثمارية. كل علاقة، كل صداقة، كل تجربة هي استثمار لمشاعرك ووقتك. أحيانًا تحسين إن الاستثمار خسران لما الناس ما يبادلونك نفس العمق. لكن، مين قال إن كل استثمار لازم يكسب من البداية؟ فيه ناس يحتاجون وقت عشان يتعلمون، وناس يحتاجون صدمة عاطفية عشان يفهمون.

الأمر يعتمد عليكِ: هل تبقين في اللعبة وتعلّمينهم؟ أم تنسحبين بسرعة؟ لو اخترتي الانسحاب دائمًا، بتلاقين نفسك في عزلة. الحساسة اللي تنسحب بسرعة هي إنسانة تخسر فرص بناء علاقات قوية بسبب نظرتها الحادة للآخرين. إما اسود أو أبيض!

الحساسة بين قلبها وعقلها

هنا السر الحقيقي.

الشخص الحساس دايمًا يميل للقلب على حساب العقل. لما تحسين إنك جُرحتي أو ما تقدرتي، أول شيء تسوينه غالبًا هو الابتعاد. هذا رد فعل طبيعي، لكن مش دايمًا هو الحل الصحيح. أحيانًا تحتاجين توقفين لحظة وتفكرين: هل اللي صار كان حقيقي؟ أم إنه مجرد شعورك اللي كبر الأمور؟

في هذه اللحظة، تذكري: قبل ما تتخذين أي قرار، اعتمدي على المنطق. فكري في الأحداث، في الحقائق، وحاولي ترتبين أفكارك. لما تعتمدين على المنطق بدل الشعور، بتكتشفين إن معظم المشكلات أقل تعقيدًا مما تبدو عليه.

“كيف نتحكم بحساسيتنا؟”

  1. التعرف على المشاعر: أول خطوة هي إنك تعترفين إنك حساسة. بدون ما تهاجمين نفسك أو تحسين إنك أقل من غيرك. حساسيتك جزء من هويتك، وهي اللي تخليك إنسانة مليانة مشاعر ومليانة عمق.
  2. وضع الحدود: حطي حدود واضحة لنفسك وللآخرين. إذا كنتِ تعرفين إنك تتأثرين بسهولة، لا تسمحين للناس يتعدون على مساحتك النفسية.
  3. تعلم التعبير عن المشاعر: بدال ما تكتمين زعلك أو استيائك، تعلمي تتكلمين. لكن مو بالكلام الحاد أو الزعل. استخدمي كلمات واضحة ومباشرة. قولي مثلاً: “حسيت بكذا لما صار كذا”.
  4. التعامل مع النقد: خلي عندك فلتر للنقد. مو كل كلمة تستاهل إنها توصل لقلبك. فيه أشياء لازم تمرّ من أذنك اليمين وتطلع من الشمال.
  5. تقبل الأخطاء: زي ما أنتِ حساسة، الناس كمان عندهم أخطائهم. لا تتوقعين الكمال، لأن هذا الشيء بيزيد من حساسيتك.

حساسيتك هي قوتك الخفية

الحساسات غالبًا يكونون أكثر الناس تفهمًا واحتواءً. لأنهن يعرفن شعور الألم، شعور الوحدة، وشعور الإهمال. هذا يجعلهم أكثر قدرة على بناء علاقات عميقة وصادقة.

تخيلي نفسك ككاتبة قصص: حساسيتك هي اللي تعطيك الإلهام. أو كصديقة: حساسيتك هي اللي تخليك تستوعبين زميلتك لما تمر بأزمة. أو حتى كأم: حساسيتك هي اللي تخليك تفهمين أطفالك بدون ما يتكلمون. و اذا كنتِ مديرة فستفهمين ما يمر به الموظف من مشاعر ولن يكونوا بالنسبة لك روبوتات من ال٥-٩.

لا تخجلي ….

في النهاية، العالم يحتاج أشخاص حساسين. يحتاج ناس يشوفون الأمور بوضوح، ويشعرون بالآخرين بصدق. لكن، المفتاح هو إنك تعرفين كيف توزنين حساسيتك. لا تخجلين منها، ولا تخليها تتحكم فيكِ.

الحياة لعبة استثمار، استثمري في نفسك أولًا، وفي علاقاتك ثانيًا. ومع الوقت، بتلقين نفسك إنسانة أقوى، وأعمق، وأكثر فهمًا للعالم من حولك.

قلبك الكبير كنز، وطريقك نحو التوازن أقصر بكثير من رحلة القساة لإيجاد قلوبهم.

أخيراً، حديثنا طويل، لكنّه حديث من القلب للقلب. لو كنتِ حساسة، أو حتى تعرفين أحد حساس، شاركيهم هذا المقال. لأنكِ أكيد صرتِ تعرفين:

كل كلمة يمكن تكون فارقة في حياة شخص حساس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

Please consider supporting us by disabling your ad blocker!