الصعود من جارية الى ملكة : عن الاستحقاق العالي والأنوثة المظلمة

هل خطر ببالكِ يومًا كيف يمكن لامرأة أن تنتقل من الهامش إلى العرش؟
كيف لجاريةٍ كانت تُباع وتُشترى أن تصبح صاحبة القرار، والمُحرِّكة الأولى للأحداث في قصرٍ يعج بالملوك والوزراء والجواسيس؟
هل المسألة حظ؟ جمال؟ أم هناك تركيبة سرية لم تكتشفها أغلب النساء بعد؟

اليوم، يا عزيزتي، لن نروي لكِ القصة التقليدية عن الجواري اللاتي أصبحن ملكات لأنهن كنَّ جميلات فقط. الجمال كان مجرد أداة، أما السلاح الحقيقي فكان شيئًا آخر تمامًا… “الاستحقاق العالي” و”الأنوثة المظلمة”.

أمسكي قهوتكِ، لأن هذا المقال سيقلب لكِ معاييركِ عن القوة، الجاذبية، والاستحقاق الذاتي رأسًا على عقب.

من “سُلطانة” إلى السلطانة!

نبدأ مع القصة الأيقونية التي يعرفها الجميع: “السلطانة هيام”، تلك الجارية الأوكرانية التي تحولت من عبدة في الحريم السلطاني إلى الحاكمة الفعلية للإمبراطورية العثمانية. البعض يسميها “المتسلقة العظيمة”، والبعض الآخر يراها “امرأة استثنائية لعبت لعبتها بإتقان”. لكن الحقيقة الوحيدة الثابتة؟ هي لم تكن عادية أبدًا.

قبل أن نُسهب في التفاصيل، تعالي نُفكِّك معادلة أي جارية تحولت إلى ملكة عبر التاريخ. لأن الموضوع ليس حكرًا على هيام وحدها، بل هناك أسماء كثيرة مثل “روكسانا”، “ثيودورا”، “كاثرين العظيمة”، وحتى بعض الشخصيات الخيالية مثل “مارجري تيريل” في Game of Thrones.

ما الذي يجمع هؤلاء النسوة؟ كيف تجاوزن كونهن “خيارات احتياطية” ليصبحن “الخيار الوحيد”؟

الإجابة تكمن في ثلاث ركائز أساسية:

1. الاستحقاق العالي (High Entitlement):

هذه النساء لم ينظرن لأنفسهن كـ”خيارات”، حتى وهنّ في أدنى درجات السلم الاجتماعي. لم يقلن:
“يا ليت السلطان يلاحظني”،
“أنا مجرد جارية”،
“أنا لا أستحق أكثر من كوني محظية”.

بل كانت عقليتهن: “أنا الأجدر بأن أكون الملكة، ولن أسمح لأي امرأة أخرى بأخذ مكاني”.

قد يبدو هذا للبعض غرورًا، لكنه في الحقيقة إيمان عميق بالقيمة الذاتية. النساء اللواتي يتحركن بهذا المستوى من الاستحقاق، لا ينتظرن التقدير، بل يفرضنه. ولأنفسهن أولًا، قبل أي أحد آخر.

إذا كنتِ ما زلتِ تنتظرين أن يعترف بكِ مديركِ في العمل، أو أن يهتم بكِ شريككِ، أو أن يراكِ المجتمع كقوية وناجحة… فأنتِ تلعبين اللعبة الخطأ. الاعتراف الحقيقي يبدأ منكِ أنتِ.

2. الأنوثة المظلمة (Dark Femininity):

هنا ندخل في منطقة مشتعلة. لأن الحديث عن “الأنوثة المظلمة” لا يروق للكثيرين، لكنه السلاح الخفي للنساء اللاتي غيرن مجرى التاريخ.

ما هي الأنوثة المظلمة؟
ببساطة، هي فهمٌ عميق للطاقة الأنثوية بطريقة غير سطحية. ليست مجرد “لطافة” و”استيعاب” و”حنان”، بل مزيجٌ من الذكاء، النفوذ، والإغراء المتوازن الذي يجعل أي شخص في الغرفة ينجذب إليكِ دون أن يدري لماذا.

المرأة التي تتقن هذه المهارة تعرف كيف تكون حاضرة دون أن تصرخ، وكيف تُدير المشهد دون أن تكون مركزه الظاهر. الجواري اللاتي أصبحن ملكات لم يكنّ فقط جميلات، بل كنّ ماهرات في التأثير، في فهم احتياجات الرجال، وفي تحويل نقاط ضعفهم إلى أوراق رابحة بيدهن.

مثال عملي؟
لنأخذ السلطانة “كوسِم”، المرأة التي حكمت الدولة العثمانية من وراء الستار لسنوات، وأدارت سياسات البلاط والإنقلابات، رغم أنها بدأت كجارية يونانية بسيطة. ما الذي جعلها “الملكة الأم”؟ ببساطة: كانت تعرف كيف تستخدم حضورها، أنوثتها، وذكائها العاطفي لتوجيه الرجال حولها حيثما تريد. وهنالك تفاصيل كثيرة حول الانوثة المظلمة تجدينها في مقالاتنا السابقة.

3. الفهم العميق للعبة (The Game):

الحياة ليست عادلة، ولم تكن يومًا عادلة، لكن هناك نوعان من الناس:

  • من يشتكون من الظلم.
  • ومن يتعلمون قوانينه ويلعبونها لصالحهم.

الجواري اللواتي صعدن إلى العرش لم ينتظرن العدالة. لم يكنّ من النوع الذي يجلس ليحلم بالأمير المنقذ. بل كنّ يفهمن اللعبة، يدرسن قوانينها، ويديرنها بذكاء خارق.

هل تتذكرين “مارجري تيريل” في Game of Thrones؟
كانت تعرف أن الطريقة التي يحبها الملك تختلف عن الطريقة التي تريدها والدته، وعن الطريقة التي يريدها الشعب. هذا هو الفهم العميق للعبة.

في الحياة الواقعية؟
المرأة الذكية لا تلعب بلعبة واحدة، بل تدير عدة ألعاب في وقت واحد:

  • كيف تكون جذابة؟ لكن دون أن تُختزل في الجمال.
  • كيف تفرض احترامها؟ لكن دون أن تكون جامدة أو متصلبة.
  • كيف تستخدم مشاعر الآخرين لصالحها؟ دون أن تكون ضعيفة أو ساذجة.

هل هذا يعني أن نصبح جميعًا متلاعبات؟ لا، بل أن نكون واعيات.

لا أحد يريدكِ أن تتحولي إلى مكيافيلية، لكن لا تكوني ساذجة أيضًا. العالم مكانٌ صعب، وستكونين وحدك يوماً ما تحاولين النجاة في هذه الغابة، الأنثى الذكية تستحق أن تفهم كيف تحمي مكانتها، وكيف ترفع سقف استحقاقها دون اعتذارات.

هل تعلمين ما الفرق بين المرأة التي تُعامَل كملكة، وتلك التي تُعامَل كمجرد خيار احتياطي؟
إيمانها العميق بأنها تستحق أن تكون الأولى.

نهاية اللعبة: كيف تطبّقين هذا في حياتكِ؟

حسنًا، دعينا نلخّص الأمر في خطوات عملية:

  1. ارفضي لعب دور الخيار الاحتياطي: لا تقبلي أن تكوني في الظل، سواء في الحب، العمل، أو أي مجال آخر.
  2. ادخلي أي غرفة وكأنكِ تملكينها: الملوك لا ينتظرون دعوات خاصة ليشعروا بالأهمية.
  3. افهمي تأثيركِ الأنثوي: وليس فقط جمالكِ. الأنوثة قوة، لكن ليست القوة الوحيدة التي تمتلكينها.
  4. ادخلي اللعبة، لكن بشروطكِ: تعلمي القواعد، ثم استخدميها لصالحكِ.
  5. لا تعتذري عن استحقاقكِ العالي: لا تتراجعي لأن الآخرين يخافون قوتكِ، أو لأنهم يريدونكِ أقل مما أنتِ عليه.

الجواري اللواتي أصبحن ملكات لم يكنّ ينتظرن الاعتراف بهن، بل فرضنه.


وأنتِ أيضًا تستحقين ذلك، لكن فقط إن كنتِ تؤمنين به أولًا.

ما رأيك؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

Join the Newsletter

Subscribe to get our latest content by email.

    We respect your privacy. Unsubscribe at any time.

    error: Content is protected !!
    إغلاق

    أنت تستخدم إضافة Adblock

    Please consider supporting us by disabling your ad blocker!